وضعت طفلتها قبل وفاتها بدقائق أول وفاة بمرض انفلونزا الخنازير في حلب وذوي المتوفاة يتهمون الصحة بالتقصير
تسجيل أو حالة وفاة لسيدة تبلغ من العمر 27 عاماً نتيجة إصابتها بمرض انفلونزا الخنازير ( H1 N1 ) في محافظة حلب وذلك بعد دقائق من وضعها لطفلة كانت حامل بها , وذلك في وقت متأخر من ليل الأربعاء الماضي .
وعلم ان السيدة " فاطمة نعمة " وهي من مواليد مدينة " مارع " التابعة لمحافظة حلب توفيت في مشفى " التوليد " الخاص بحي الميدان بحلب ، حيث وضعت طفلة أسماها والدها " فاطمة " على اسم والدتها المتوفاة ، وتم نقل الطفلة إلى مشفى " فرح " الخاص بحي " بستان الباشا " حيث وضعت في الحاضنة ، ولا تزال في الحاضنة حتى لحظة إعداد التقرير .
بداية القصة .. يومان في المشفى الوطني بالرقة والأطباء عجزوا عن تشخيص الحالة
وروى عم المتوفاة " صبحي نعمة "تفاصيل ظهور أعراض المرض على ابنة أخيه ، وقال : " اتصل بي زوج ابنة أخي يوم الاثنين الماضي حوالي الساعة الحادية عشر ليلاً وأخبرني ان ابنة أخي في حالة صحية سيئة جداً ، وانها الآن في المشفى الوطني بالرقة ، فقلقت كثيراً خصوصاً أنها كانت حامل في شهرها التاسع ، فسافرت على الفور إليها " .
وتابع " فور وصولي إلى المشفى سألت الأطباء عن وضعها الصحي فأخبروني أنها تعاني من مشاكل رئوية شديدة ، وان وضعها الصحي سيء ، وقالوا أنه من الأفضل نقلها إلى مشافي حلب حيث توجد عاية صحية أفضل ، و لم يتمكن الأطباء في الرقة من تحديد سبب المرض ".
وأضاف " على الفور طلبت سيارة إسعاف وقمت بنقلها إلى مشفى " الأندلس " الخاص بحلب ، حيث تم استدعاء الطبيب جميل طرقجي الذي وصل إلى المشفى حوالي الساعة العاشرة والنصف ليلاً ".
اشتباه بانفلونزا الخنازير .. والطبيب المسؤول يفحص المريضة " عبر الهاتف "
و استطرد عم المتوفاة " وفور وصول الدكتور طرقجي إلى المشفى قام بفحصها فحصاً شاملاً ، واطلع على الصور الشعاعية ، وعلى الفور اشتبه بأنها مصابة بمرض انفلونزا الخنازير وقام بتحويل المريضة إلى مشفى زاهي أزرق ( الحميات ) المسؤول عن معالجة هذا المرض ، فقمنا على الفور بنقل المريضة إلى مشفى الحميات ، وكانت الساعة قد قاربت حينها الثانية صباحاً " .
وفي مشفى " الحميات " بحلب استقبل الطبيب المناوب المريضة ، وقال عم المتوفاة لـ عكس السير : " بعد نصف ساعة من التحدث إلى الطبيب اتصل بأحد الأطباء الذي عرفت فيما بعد انه الدكتور زاهر حج ابراهيم رئيس قسم الأمراض البيئية بحلب ، وأثناء الاتصال سألني إن كانت المريضة وافدة من خارج سوريا فأجبته بالنفي ، فسألني إن كانت قد اختلطت بأي شخص وافد من خارج سوريا ، فنفيت ذلك ، فأغلق السماعة وأخبرني ان ابنة أخي سليمة من مرض انفلونزا الخنازير ".
وأضاف " وطلب مني أن أنقلها إلى مشفى يوجد فيه منفسة وغرفة عناية ويكون مجهز بغرفة عمليات خاصة بالولادة لأن المريضة ستلد في أية لحظة ، وهنا بدأت المصيبة ".
المريضة تنتقل من مشفى لآخر .. وفي النهاية تستقر في مشفى خاص
وتابع عم المتوفاة حديثه لـ عكس السير بالقول " انتقلنا بين عدة مشاف في حلب ، الكل كان يرفض استقبالها بحجة عدم وجود غرفة عناية فارغة ، قبل أن نصل في النهاية إلى مشفى التوليد الخاص في الميدان والذي قبل أخيراً المرضية بعد أن رجونا القائمين عليه ".
وأكمل " تم إدخال المريضة إلى غرفة العناية الفائقة وتم وضعها تحت المنفسة ، وحوالي الساعة الواحدة ظهراً طلب أطباء المشفى أن يجرى لها تحليل انفلونزا الخنازير فحضر طبيب مسؤول من مديرية الصحة وقام بأخذ عينة ".
وبعد حولي عشر ساعات من دخول المريضة للمشفى تم إدخالها إلى غرفة العمليات حيث أجريت لها عملية قيصرية وضعت خلالها طفلة تم نقلها إلى حواضن مشفى " فرح " ، وفارقت بعدها المريضة الحياة .
ولم تظهر نتيجة التحليل إلا بعد يومين من وفاة المريضة ، وقال عم المتوفاة " لم يخبرونا عن سبب وفاتها إلا بعد يومين من وفاتها ، أخبرونا أنها كانت مصابة بمرض انفلونزا الخنازير ، وبأنها توفيت متأثرة بالمرض ، وعندما راجعنا المشفى لإجراء الفحوصات لنا رفض مشفى الحميات إجراء أي فحوصات لنا ، فراجعنا مدير صحة حلب الذي أعطانا رقمه الشخصي وطلب منا الاتصال به فور ظهور اية أعراض على اي شخص منا ".
الطبيب الذي اكتشف الحالة : أعراض المرض كانت واضحة وأستغرب عدم قيام مشفى الحميات بالإجراءات اللازمة
ومن جهته قال الدكتور " جميل طرقجي فور وصول المريضة طلبت صورها الشعاعية للصدر فظهر في الصور وجود انتانات واسعة في كلا الرئتين ، وعندما علمت من أهلها أن أعراض المرض ظهرت عليها قبل يومين فقط ، وأنها مصابة بارتفاع في الحرارة ايقنت أنها مصابة بفايروس H1N1 المعرووف باسم انفلونزا الخنازير ".
وتابع " ارتديت الكمامات والكفوف البلاستيكية وقمت بمعاينة المريضة فتأكدت من وجود المرض ، فقمت بالاتصال بمشفى زاهي أزرق ( الحميات ) وسألت عن وجود غرفة جاهزة لاستقبال مريضة مصابة بمرض انفلونزا الخنازير ، وعندما جاءني الرد بالإيجاب قمت بتحويل المريضة إلى مشفى الحميات على الفور ".
وأضاف " علمت فيما بعد أن الطبيب المسؤول قام بتشخيص الحالة عبر الهاتف ، وأنه نفى وجود المرض دون أن يفحص المريضة سريرياً ، وهو أمر غريب جداً ، كما علمت بأن المريضة قبل وفاتها تنقلت بين عدة مشاف ، وهو أمر خطير جداً فالمريضة كانت عبارة عن بؤرة من الفيروس تتنقل بين المشافي ، ومن غير المستبعد أن تكون قد لوثت معظم المشافي التي زارتها بالفايروس ".
مدير مشفى الحميات : لا يوجد في سوريا أي لقاح لمرض انفلونزا الخنازير
ومن جهته قال مدير مشفى زاهي أزرق ( الحميات ) الدكتور " عبد الكريم حسين وصلت المريضة إلى المشفى في وقت متأخر جداً وهي حامل في الشهر التاسع ومن المحتمل أن تلد في اية لحظة ، فقام الطبيب المناوب بالاتصال بالطبيب المسؤول عن المرض ( الدكتور زاهر حج ابراهيم ) الذي اتبع الشروط التي وضعتها وزارة الصحة ، حيث أصدرت وزارة الصحة تعميماً بفحص الأشخاص الوافدين أو الذين اختلطوا بأشخاص وافدين فقط ، وعندما نفى أقرباء المريضة أن تكون وافدة من خارج القطر أو أنها اختلطت باي شخص وافد نفى الطبيب إصابتها بالمرض " .
وتابع " كما أنها كانت حامل في شهرها التاسع ،و مشفى زاهي أزرق غير مجهز لإجراء عمليات الولادة أو القيصرية لذلك طلبنا من أهلها أن ينقلوها إلى مشفى آخر مجهز لهذا الغرض ".
وعن سبب إجراء التحاليل للمريضة قال مدير مشفى الحميات " أولاً إن المريضة وصلت بحالة سيئة جداً من المشفى الوطني بالرقة ، ثانياً لا يوجد في حلب مخبر متخصص يجري التحاليل لهذا المرض ، يوجد مخبر وحيد ومقره بدمشق ، وهذا يعني أن النتيجة لن تظهر قبل مضي أقل من 24 ساعة وخلال هذا الوقت كانت المريضة على وشك الولادة لذلك اضطررنا لتحويلها إلى مشفى آخر ، وقمنا بأخذ عينة في اليوم التالي ".
وفي سياق متصل ، اتهم ذوي المتوفاة الصحة بالتقصير ، وقال عم المتوفاة لـ عكس السير " بعد أن علمنا أن ابنة أخي توفيت متأثرة بإصاباتها بمرض انفلونزا الخنازير راجعنا مشفى الحميات وطلبنا أن يجرى لنا التحاليل وأن يقوم المشفى بإعطائنا اللقاح اللازم إلا أن إدارة المشفى رفضت ذلك " .
الأمر الذي رد عليه مدير مشفى الحميات الدكتور " عبد الكريم حسين " بالقول : " لا يوجد في سوريا أي لقاح لمرض انفلونزا الخنازير ، فكيف سنعطيهم اللقاح ؟؟ " .
مدير الصحة : مشفى الرقة يتحمل المسؤولية ونحن نحقق في القضية
ومن جهته قال الدكتور " عمار طلس " مدير صحة حلب في اتصال هاتفي إن المريضة وصلت إلى حلب بعد أن تأزم وضعها الصحي ولم يكن بوسعنا تقديم أية مساعدة ، كان يجب على القائمين على المشفى الوطني بالرقة اكتشاف المرض و اتخاذ الاجراءات اللازمة ".
وتابع " نحن نقوم بإجراء تحقيق بالقضية وسنحاسب المقصرين في حال ثبوت وجود تقصير ".
وأكد مدير الصحة ما قاله مدير مشفى الحميات حول عدم توفر لقاح لمرض انفلونزا الخنازير في سوريا ، وقال : " لا يوجد لقاح في سوريا لهذا المرض ، كما أنه من المستحيل تشخيص المرض قبل ظهور الأعراض ، لذلك قمت بإعطاء رقمي الشخصي ورقم مدير مشفى الحميات لذوي المتوفاة وطلبت منهم الاتصال بي بشكل مباشر في حال ظهور أية أعراض ارتفاع حرارة أو سيلان على أحدهم ".
عم المتوفاة : أنا أعمل مدرس وفي حال إصابتي سأتسبب بنقل المرض لطلابي
وقال عم المتوفاة أنا أعمل مدرس في إحدى المدارس ، وهذا يعني في حال إصابتي بالمرض أنني سأتسبب بنقله إلى طلابي ".
وقال أحد أقرباء المتوفاة " لم يخبرونا عن سبب وفاتها إلى بعد يومين من وفاتها كنا خلالها قد أقمنا مجلساً للعزاء واستقبلنا الوافدين واحتككنا بهم ، وهذا يعني أنه في حال إصابتنا بالمرض سنكون السبب في نقله للأشخاص الذين جاؤوا يعزوننا ، لو أنهم أخبرونا عن سبب الوفاة حينها لأخذنا حذرنا ".
وأعاد مصدر مسؤول في صحة حلب سبب التأخر في إخبار الأهل عن سبب الوفاة إلى تأخر وصول نتيجة التحليل من مخابر دمشق .
وعلم من ذوي المتوفاة أنهم بصدد تقديم شكوى رسمية إلى كل الجهات المختصة بغية فتح تحقيق بالقضية " محاسبة المقصرين " .
وزار عكس السير الطفلة " فاطمة " في حواضن مشفى " فرح " الخاص ، حيث أكد الأخصائيون في المشفى أن الطفلة سليمة تماماً من مرض انفلونزا الخنازير وأن وضعها الصحي " مستقر " .
يذكر أن آخر إحصاء لوزارة الصحة قال ان عدد المصابين بالمرض في سوريا بلغ 122 مصاباً ، توفي منهم شخصان حتى الآن .
و أعلن وزير الصحة الدكتور رضا سعيد الثلاثاء الماضي أن سورية طلبت من ثلاث شركات عالمية مصنعة للقاح انفلونزا الخنازير ستة ملايين جرعة موضحا أن اللقاحات ستكون متوفرة مع بداية العام القادم .
و كان سعيد أعلن قبل أيام أن المرحلة الثانية من انتشار المرض قد بدأت في سورية , بعد الارتفاع المفاجئ لعدد الإصابات من 67 إلى 110 إصابة .
موضوع: وضعت طفلتها قبل وفاتها بدقائق أول وفاة بمرض انفلونزا الخنازير في حلب 
الخميس أكتوبر 29, 2009 5:25 am
